للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الماوردي (١): والإخلاص في كلامهم النية وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين أموالهم في وجوه الخير لله محمول على من فعل ذلك لله مخلصًا، وفي الخبر أيضًا أنه يقال لهم يوم القيامة: "صمتم وصليتم وتصدقتم وجاهدتم وقرأتم فقد قيل ذلك" أخرجه مسلم في صحيحه بمعناه.

واعلم أن أنواع النية في الجهاد لا تنحصر لتنوع المقاصد فيه ولكن نذكر منها ما هو الغالب وجودًا أو يقاس عليه ما قد يقع والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى فمنهم من يقصد بجهاده وجه الله سبحانه وتعالى لاستحقاقه هذه العبادة وأمره بها وافتراضها على عباده من غير التفات عنده إلى جزاء عليها في الآخرة، وهذا عزيز الوجود نادر الإمكان (٢)، ومثهم من يحمله على الجهاد غيرة الإسلام والحرص على إعلاء كلمة الله وإعزازها وإذلال كلمة الكفر وأهلها (٣)، ومنهم من يقصد بجهاده الجنة والنجاة من النار من غير تصور لغير ذلك وهذا هو الغالب وجودا، وقد قال بعضهم أن هذا القصد لا يكفيه في نيل رتبة الشهادة والظاهر الصحيح أن هذا القصد كاف في نيلها، ومما يدل على ذلك ترغيب الله في الجنة لمن جاهد في سبيله لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (٤) الآية


(١) في الحاوي الكبير (٢/ ٩١).
(٢) مشارع الأشواق (ص ٦١٢).
(٣) مشارع الأشواق (ص ٦١٣).
(٤) سورة التوبة، الآية: ١١١.