للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الشعاب وَقد كفى النَّاس شَره (١).

قوله: وعن أبي سعيد الخدري، تقدم الكلام عليه.

قوله: أتى رجل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي الناس أفضل؟ قال: "مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل اللّه" الحديث، قال القاضي عياض (٢) - رحمه اللّه -: هذا عام مخصوص، وتقديره: هذا من أفضل الناس وإلا فالعلماء أفضل وكذلك الصديقون كما جاءت به الأحاديث الصحيحة.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره" الحديث، ففيه إشارة إلى أن الخلوة والانقطاع أفضل من الاختلاط بالناس، الشعب: هو ما انفرج بين جبلين، وليس المراد نفس الشعب خصوصًا بل المراد الانفراد والاعتزال، وذكر الشعب مثالا لأنه خال عن الناس غالبا، وهذا الحديث نحو الحديث الآخر حين سئل - صلى الله عليه وسلم - عن النجاة فقال: "أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" فيه دليل لمن قال بتفضيل العزلة على الاختلاط، وفي ذلك خلاف مشهور فذهب الشافعي وأكثر العُلماء أن الاختلاط أفضل بشرط رجاء السلامة من الفتن فذهب طوائف أن الاعتزال أفضل؟ وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه محمول على الاعتزال في زمان الفتن والحروب أو هو فيمن لا يسلم الناس منه ولا يصبر عليهم أو نحو ذلك من الخصوص، وقد كانت الأنبياء عليهم الصلاة


(١) الحاكم (٢/ ٧١).
(٢) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٣٣٧).