قوله:"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن" إلى آخره، ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل للمؤمن بالأترجة لطيب طعمها وريحها عبارة عن طيب الظاهر [بالذكر والباطن] بالاعتقاد وضرب [للمنافق مثلا] بالريحان لأن ظاهره طيب [الريح] وإذا اختبرت باطنه وجدته [مرا] وضرب المثل للكافر بالحنظلة لخبث ظاهره وباطنه والله أعلم قاله في الديباجة (١).
تنبيه: لم يوجد من الثمار الشجرية التي أنشأتها العرب في بلادهم أبلغ من هذا المعنى من الأترجة لكونها أفضل الثمار وأجدى لأسباب كثيرة منها كبر الجرم وحسن المنظر ومنها أنها طيبة الطعم لين الملمس ذكي الأرج ناقع لونها تسر الناظرين تتوق إليها النفس قبل التناول يفيد أكلها بعد الالتذاذ طيب نكهة وقوة هضم وأجزاؤها تنقسم طبائع، فإن قشرها حار يابس ولحمها حار رطب أو بارد رطب وحماضها بارد يابس وبزرها حار فتخفف ويدخل بهذه الأجزاء في الأدوية للأدواء المزمنة والأوجاع المقلقة مائة ثمرة تبلغ هذا المبلغ في كمال الخلقة وشمول المنفعة ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - أشار في ضرب هذا المثل إلى معان منها: أنه ضربه بما يخرجه من الشجر للمشابهة التي بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس وإن ضرب المؤمن نفسه فإن العبرة فيه بالعمل الذي يصدر منه لأنه الكاشف عن حقيقة الحال ومنها: أنه ضرب مثل المؤمن بما تخرجه الشجر وضرب مثل المنافق بما تنبته الأرض تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله و دوام ذلك ما لم تيبس الشجرة وتوفيقا