للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإمام مكانا فمعناه بيت مكان الطهارة أو الذي جعل فيه الطهارة أي من الذنوب وبالتشديد المطهر وتقدم الكلمات على الكلمات الأربع في بابها والكلام الآن على الكلمة الخامسة وهي قوله: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (١) إلى قوله فإن الإنسان لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله وأن لا يزال لسانه لهجا بذكر الله فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة فهو يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه وإذا ذكر الله انخنس عدو الله وتصاغر وانقمع حتى يكون كالوضع والذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور فإذا ذكر الله خنس أي كف وانقبض، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سهل وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ذكره ابن القيم (٢).

قلت: الذكر يكون بالقلب ولكون باللسان والأفضل أن يكون بالقلب واللسان معا فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب معًا خوفا أن يظن به الرياء بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله عز وجل (٣) قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضجعا وقال عطاء: من صلى


(١) سورة الأنفال، الآية: ٤٥.
(٢) الوابل الصيب (ص ٣٦ - ٣٧).
(٣) الأذكار (ص ٩).