للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع"، فيه جواز الحكم بالقرائن فهو يدل على أنه كان - صلى الله عليه وسلم - قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها فلذلك فهموا أنها موعظة مودع (١) فإن المودع يستقصي ما لا يستقصي غيره في القول والفعل ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي صلاة مودع لأن من استشعر أنه مودع بصلاته أتقنها على أكمل وجهها ولربما كان قد وقع منه - صلى الله عليه وسلم - تعريض في تلك الخطبة بالتوديع انتهى قاله ابن رجب في شرح الأربعين النواوية (٢).

قوله: فأوصنا، يعنون وصية جامعة كافية فافهم لما فهوا أنه مودع استوصوه وصية ينفعهم التمسك بها بعده ويكون فيها كفاية لمن تمسك بها وسعادة له في الدنيا والآخرة (٣).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة" ففيه استحباب استدعاء الوصية والوعظ من أهلها واغتنام أوقات أهل الخير والدين قبل وفاتهم فجمع في ذلك كل ما يحتاج، فإن التقوى والسمع والطاعة امتثال المأمورات واجتناب المحذورات وتكاليف الشرع ليست إلا بذلك قاله الطوفي (٤).

فهاتان الكلمتان تجمعان شهادة الدنيا والآخرة أما التقوى فهي كلمة كاملة بسعادة الآخرة لمن تمسك بها وهي وصية الله للأولين والآخرين كما


(١) التعيين في شرح الأربعين (ص ٢١٤).
(٢) جامع العلوم والجكم (٢/ ٧٦٧).
(٣) المصدر السابق (٢/ ٧٦٧).
(٤) التعيين (ص ٢١٤).