للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إبليس حين يقوم في النار خطيبا ولا يتكلم في ذلك المقام إلا بالحق {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} (١) وقال الله تعالى حكاية عن السامري {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} (٢) وقال -صلى الله عليه وسلم-: "عدوك نفسك التي بين جنبيك " ويروي أن الله تعالى أعطى العبد نور العقل وجعله حاكما على ما يرد عليه من الوساوس التي من جهة الشيطان وعلى الهواجس التي من جهة النفس وعرفه طريق الرشد من الغي فالعقل متى حكم للنفس واتبع الهوى فقد أهلك نفسه، ولهذا قيل: إن قاضي الهوى يهلك نفسه والمحكوم له والمحكوم عليه والنفس ها هنا حتى حكم لها أهلكها لأنها أبدا تتبع الهوى وإن حكم على النفس نجى.

وقوله: "فارحمني" وفي رواية "فاغفر لي" أي فبسبب ظلمي لنفسي واعترافي بذنبي فيه موافقة لقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} (٣) وقدم المغفرة على الرحمة تأسيا بقوله تعالى: {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} (٤).

فإن قيل: لم قدم سؤال المغفرة على سؤال الرحمة، والمغفرة نوع من الرحمة؟


(١) سورة إبراهيم، الآية: ٢٢.
(٢) سورة طه، الآية: ٩٦.
(٣) سورة القصص، الآية: ١٦.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.