والجواب: أن المغفرة عبارة عن ستر الذنب أو محوه فإذا وجدت بعدها الرحمة كان أبلغ في الكرامة والعبد المذنب تارة يعفو عنه السيد وتاره يعفو عنه ويحسن إليه بالعتق وتارة يكسوه مع العتق والعتق مع الكسوة نوعان من الرحمة وكذلك ربنا سبحانه وتعالى إذا عفا عن [زلة] عبده ترك عقوبته وستر عليه ذنوبه وأبدلها حسنات، فالرحمة راجعة إلى تبديل السيئات حسنات، [يعني] ذلك قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(١) قيل لإبراهيم بن أدهم: ما معنى قول العبد يا كريم العفو فقال: ما كفى أن غفر السيئات حتى أبدلها حسنات، وجاء في حديث آخر "فاغفر لي مغفرة من عندك فإنك أنت الغفور الرحيم وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
قوله:"مغفرة من عندك" هو مصدر، وفيه تأكيد لطلب مضاعفة الساتر لأن الغفر الستر في كلام العرب ومنه المغفر لأنه يستر الرأس، وفيه استعارة حسنة لأن العورة الحسية يطلب سترها بمضاعفة الثياب كذلك العورة المعنوية وهي خلل المعصية فطلب ستره بمضاعفة الساتر المعنوي.
قوله:"من عندك" قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: فيه إشارة إلى طلب مغفرة يتفضل بها من عند الله -تعالى- لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره، فهي رحمة من عنده بهذا التفسير ليس للعبد فيها سبب