للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سألت عنه، فذكره إلى أن قال: "يا وابصة استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر" الحديث، اطمأن سكن، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} (١) الآية أي سكنتم من انزعاج الحرب وحركته، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب" وهو كقوله أولا: "البر حسن الخلق" لأن حسن الخلق تطمئن إليه النفس والقلب.

اعلم أنه جاء في حديث وابصة: "البر ما اطمأنت إله النفس واطمأن إليه القلب" وهو في معنى قوله: "البر حسن الخلق" لأن النفس والقلب يطمئنان إليه، وفي حديث آخر: "إن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار" (٢) ويمكن حمله على معنى هذا ويكون أراد الصدق صدق في الأقوال والأفعال وهو الإخلاص وعكسه في الكذب.

فإن قيل: بين هذا الحديث وبين حديث الحلال بين تعارض من جهة أن المتردد في الصدر المشتبه سماه إثما وهناك قال: "فمن ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" فدل على أنه من الورع ولا إثم فيه؟ فالجواب: من وجهين، أحدهما: إنا نسلم أن قوله "استبرأ" يدل على عدم الإثم فإنه واجب واتقاء الشبهات طريق إليه والطريق إلى الواجب واجب وتركه إثم، الثاني: سلمنا


(١) سورة النساء، الآية: ١٠٣.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٩٤)، ومسلم (١٠٢ - ٢٦٠٦) عن ابن مسعود.