للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورعا، وقيل: إن القليل مما لا بال له كالتمرة والجوزة والعنابة والحبة من [الفضة] لا تُعَرَّف ولأنه مما يسامح فيه، ولأنه - عليه السلام - جوز أكلها أولا خشية أن تكون من الصدقة، وفيه: تحريم الصدقة عليه - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم سواء كان زكاة أو تطوعا، وقد جاء أن الحسن التقط تمرة فوضعها في فيه فقال - عليه السلام -: "كخ" فنزعها (١)، والظاهر أنه لم يتركها ساقطة لأنها نهى عن ذلك فقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما عليها من الأذى ولا يدعها للشيطان" (٢) فلعله أمر بها لم تحل له والله أعلم، وفيه: أن التمرة ونحوها من محقرات الأموال لا يجب تعريفها بل يباح أكلها والتصرف فيها في الحال لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خشي أن تكون من الصدقة لا لكونها لقطة والصدقة أوساخ الناس فصان الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - عنها فحرمها عليه.

وفيه: دليل على أن اللقطة اليسيرة التي لا يتعلق بها نفس فاقدها إنها لا تحتاج إلى تعريف وأنها تستباح من غير ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - علل امتناعه من أكلها بخوفه أن يكون من الصدقة، وظاهر دليل خطابه أنها لو سلمت من ذلك المانع لأكلها، وها الحكم متفق عليه، وعلله أصحابنا وغيرهم بأن صاحبها في العادة لا يطلبها ولا يبقى له فيها مطمع هذا حكم اليسير من اللقطة ذكره النووي (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٤٩١) و (٣٠٧٢)، ومسلم (١٦١ - ١٠٦٩) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه مسلم (١٣٤ و ١٣٥ - ٢٠٣٣) عن جابر.
(٣) شرح مسلم للنووى (٧/ ١٧٧ - ١٧٨).