للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبي (١): قوله: "كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته"، كان هذا من غالب أحواله - عليه السلام -، وهذا أوقع في النفس وادعى لتأثير الوعظ في القلب، فينبغي للواعظ أن يتاعطاه، وأما اشتداد غضبه فيحتمل أن يكون عند أمر خولف فيه أو أن صفته صفة للغضب.

وقوله: "كأنه منذر جيش"، ومنذر الجيش: هو المخبر بجيش العدو الذي يخوف به (٢)، أي: هو مخبرهم بما يحذرون منه من مجيء عدوهم صباحا أو مساءًا، وأصل الإنذار: الإعلام، يقال: أنذرته أنذره إنذارًا إذا أعلمته فأنا منذر ونذير أي: معلم ومخوف ومحذر، ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل أنذر جيشًا فقال: أنا النذير العريان" لأنه أبين للعين وأغرب وأشنع عن المبصر، وذلك أن ربيئة القوم وعينهم تكون على مكان عالٍ، فإذا رأى العدو وقد أقبل نزع ثوبه وألاح به لينذر قومه ويبقى عريانا (٣).

قوله: "صبحكم ومساكم"، أي: أتاكم الجيش وقت الصباح وأتاكم وقت المساء، أو سيصبحكم العدو، ومعناه: الإغارة وكذلك مساكم أي: سيمسيكم (٤).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، أي: بعثني اللّه قريبا من الساعة فتنبهوا من نوم الغفلة (٥)، ويجوز في الساعة النصب والضم؛ قال النووي:


(١) المفهم (٧/ ١٣٦).
(٢) المفهم (٧/ ١٣٧).
(٣) النهاية (٣/ ٢٢٥) و (٥/ ٣٨ - ٣٩).
(٤) المفاتيح (٢/ ٣٢٩)، وشرح المصابيح (٢/ ٢٣٩) لابن الملك.
(٥) المفاتيح (٢/ ٣٢٩).