للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحملوا هذه الأحاديث التي في النهي على كراهة التنزيه والارتفاع عن دني الاكتساب والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ولو كان حراما لم يفرق فيه بين الحر والعبد فإنه لا يجوز للرجل أن يطعم عبده ما لا يحل والله أعلم، وعلى هذا فإطلاق اسم الخبيث لا يقتضي التحريم بدليل هذا، وبدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا (١)، سمي البصل والثوم خبيثا ولم يمنع من أكله دليل التحريم عموما قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} (٢) وكل خبيث حرام إلا ما قام الدليل على حله فعلى هذا يحرم ثمن كل كلب ومهر كل بغي لأنه لم يقم دليل على الحل والله تعالى أعلم، ومنها: النهي عن ثمن السنور (٣) فأما النهي عن ثمن السنور فإنه محمول على ما لا ينفع أو أنه نهى تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته والسماحة به كما هو الغالب، فإن كان مما ينفع وباعه صح البيع وكان ثمنه حلالًا، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة غلا ما حكي ابن المنذر عن أبي هريرة وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد أنه


(١) أخرجه أحمد ٤/ ١٩ (١٦٥٠٥)، وأبو داود (٣٨٢٧)، والنسائى في الكبرى (٦٦٤٧)، والدولابى (٧٨٩)، والطحاوى في معاني الآثار (٦٦١٤) عن معاوية بن قرة عن أبيه.
وصححه ابن حجر في الفتح (٣/ ١٢١) وجوده الألباني في الإرواء (٢٥١٢) وصححه في الصحيحة (٣١٠٦).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٧.
(٣) أخرجه أحمد ٣/ ٣٣٩ (١٤٨٧٨)، وعنه أبو داود (٣٤٨٠) و (٣٨٠٧)، وابن ماجه (٣٢٥٠)، والترمذي (١٣٢٦) عن جابر. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِه اضْطِرَابٌ وَلَا يَصِحُّ فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ. وضعفه الألباني في الإرواء (٢٤٨٧)، وضعيف الجامع (٦٠٣٣).