قال:"أن تخشى اللّه كأنك تراه فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك" قال: صدقت الحديث. هذا من جوامع الكلم الذي أوتيها - صلى الله عليه وسلم - لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئًا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه، إلا التي به فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعبد اللّه في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان" فإن التأميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع ربه سبحانه وتعالى عليه فمقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة ومرأقبة العبد ربه تبارك وتعالى في إتمام الخضوع والخضوع غير ذلك وقد نبد أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص احتراما لهم فيكون فكيف بمن لا يزال اللّه تعالى مطلعا عليه في سره وعلانيته واللّه أعلم.
تنبيه: إذا سئلت عنه ما هو فقل الإحسان أن تأتي بقواعد الإيمان وخصال الإسلام كلها بشروطها وأدائها وحين إتيانك بها تستحضر عظمة الرب عز وجل وجلاله وكثرة نعمه عليك وكأنك بين يديه وثمرة ذلك ارتعاد قلبك من خشية اللّه وهيبته وحياؤك من كثرة أياديه عليك وإحسانه وتقصيرك في حقه وتفريطك فهذه مقامات الدين الثلاث، الإيمان ومتعلقه ستة أشياء اللّه عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر فالعلم بأحكام هذه الأشياء الستة هو أعلم المسمى بأصول الدين أما الإيمان فقد سبق القول في لفظه أنه التصديق المجرد وأنه مغاير للإسلام أما اللّه عَزَّ وَجَلَّ فيتعلق الإيمان