بالمساواة ولا يرضى بالزيادة، فهذه الأنواع كلها حرام يشملها اسم الحسد، والحسود غير راض بقسمة الله تعالى وحكمته في الخلق، فمن أعطى شيئا من هذه الأشياء فليشكر الله تعالى، ومن وجد في قلبه مرضا من هذه الأمراض فعليه بالتوبة حتى يزول فإن لم يعالجه أثم، والله أعلم، انتهى.
تتمة: وروى أن آدم عليه الصلاة والسلام نزل إلى مكة وجعل قابيل وصيا على أهل بيته فقتل قابيل هابيل، فلما رجع آدم قال: أين هابيل؟ قال قابيل: لا أدري، فقال آدم: اللهم العن أرضا شربت دمه فم ذلك الوقت ما شربت الأرض دما، ثم إن آدم عليه السلام بقي مائة عام لا يبتسم حتى جاءه ملك فقال له: حياك الله يا آدم وبياك، قال: ما يبكيك، قال: اضحك؛ وقال مقاتل: وكان قبل ذلك السباع والطيور تستأنس بآدم، فلما قتل قابيل هابيل هربت منه الطير والوحش وشاكت الأشجار وحمضت الفواكه وتملحت المياه واغبرت الأرض؛ وفي حديث وهب: تأبل آدم على ابنه المقتول كذا وكذا عاما لم يصب حواء، أي: امتنع من غشيانها أعواما وتوحش عنها، والفعل منه أبل يأبل إبالة إذا تنسك وترهب.
فائدة: الحكمة في أن الله تعالى بعث إلى قابيل لما قتل أخاه هابيل غرابا ولم يبعث له الطيور ولا من الوحش لأن القتل كان مستغربا جدًا إذ لم يكن معهودًا قبل ذلك فناسبه الغراب؛ وروى أن قابيل حمل أخاه ومشى حتى أروح فلم يدر ما يصنع به فبعث الله غرابين قتل أحدهما الآخر ثم بحث في الأرض بمنقاره ودفن أخاه فاقتدى به قابيل فكان بعث الغراب حكمة ليرى