للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يقتصر عليه ويكن ينظر في علم الزهد وفي كلام الحكماء وشمائل الصالحين، فإن الإنسان إذ تعلم الفقه ولم ينظر في الزهد والحكمة قسى قلبه وساء خلقه والقلب القاسي بعيد من الله تعالى، انتهى، قاله في شرح مشارق الأنوار. والمراد بقوله: "يفقهه في الدين" ما شرعه الله لعباده من الأحكام؛ والعباد: جمع عبد، وقيل المراد بالفقه: فهم الأشياء كما تقدم، قال ابن بطال (١): التفهم للعلم هو الفقه فيه، ولا يتم العلم إلا بالتفهيم ولذلك قال علي - رضي الله عنه -: والله ما عندنا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مؤمن، فجعل الفهم درجة أخرى بعد حفظ كتاب الله تعالى، لأن بالفهم له تتبين معانيه وأحكامه، وقد نفى عليه الصلاة والسلام العلم عمن لا فهم له فقال: "رب حامل فقه لا فقه له"، وقال مالك: ليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو نور يضعه الله في القلوب يدرك فهم المعاني، فمن أراد الفهم فليحضر خاطره ويفرغ ذهنه وينظر إلى بساط الكلام ومخرج الخطاب ويتدبر اتصاله بما قبله وانفصاله منه، ثم يسأل ربه تبارك وتعالى أن يلهمه إلى إصابة المعنى، ولا يتم ذلك إلا لمن علم كلام العرب ووقف على أغراضها في تخاطبها وله عودة قريحة وثاقب ذهن، ألا ترى أن ابن عمر - رضي الله عنه - فهم من بساط الحديث ونفس القصة أن الشجرة هي النخلة لسؤاله - صلى الله عليه وسلم - لهم عنها حين أتى الجمار وقوي ذلك عنده بقوله عز وجل: {ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال: هي النخلة، شبهها الله تعالى بالمؤمن، انتهى.


(١) شرح الصحيح (١/ ١٥٧).