للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض"، "من في السموات" يعني: الملائكة ومن فيها من الأنبياء، وإنما يستغفر له أهل السموات وهم الملائكة لأنهم عرفوا بتعريفهم وعظموا قولهم وهم أنهم يقولون الملائكة عباد الله ويمنعون من قال هم بنات الله وأنهم آلهة فيكون نفع عليهم عائد إليهم فيدعون لهم مكافأة بصنيعهم.

قوله: "ومن في الأرض" يعني: من عليها من السموات، وإنما يستغفر لهم أهل الأرض، وأما بنو آدم فبقاؤهم وصلاحهم مربوط برأيهم وفتواهم، وأما غير بنو آدم من الحيوان فما من شيء على وجه الأرض إلا وله مصلحة موجودة بوجود العلم مفقودة بفقد العلم، من ذلك بيان الحلال من الحيوانات والحرام منها وما لا يجوز قتلها وما يجوز قتلها، وكيفية قتلها يعني: من يعقل ومن لا يعقل لأن من لا يعقل ينتفع بالعالم لكونه يعلم الناس إحسان القتلة والذبحة والرفق بكل شيء، ويحتمل أن يكون استغفار هذه الأنصاف المذكورة بعضها بالحقيقة وبعضها بالمجاز وهو أن يكتب الله تعالى له بعدد كل حيوان من الأنواع المذكورة مغفرة وحكمة أي: صلاح العالم بالعلم، وما من شيء من الأصناف المذكورة إلا له مصلحة موجودة، ويحتمل أن يكون استغفار له في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما (١).


= يرجوا بركتها من رجل صالح، فما الظن بدعاء قوم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فلله در العلم ومن به تردي وتعسًا للجهل ومن في أوديته تردَّي).
(١) انظر المفاتيح (١/ ٣١٤)، والمدخل (١/ ٨٩)، ومفتاح دار السعادة (١/ ٦٥)، ومجموع رسائل ابن رجب (١/ ٢٩).