للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "حتى الحيتان في الماء" إنما خص الحيتان بالذكر لأنها ليست داخلة في جملة من في السموات ولا في جملة من في الأرض، إذ هي في الماء، ولهذا قيل: "حتى الحيتان في الماء" والماء كان موجودًا قبل السموات والأرض، كما قيل: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (١) قبل خلق السموات والأرض بخمسين عامًا، ولهذا المعنى: إذا مات العالم بكى عليه كل الخلق حتى الطير في الهواء والسمك في الماء قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢) فأهل الذكر في الآية هم العلماء فهم يسألون عن النوازل وبفتواهم يعبد الله ويطاع ويمتثل أمره ويجتنبه نهيه، وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لمجلس علم عند الله تعالى خير من عبادة ألف سنة لا يعصى الله فيها طرفة عين"، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٣) الآية، إن الخشية لله أفضل من الذكر باللسان، لأن الخشية لله هي المقصود والمطلوب، ولا يراد الذكر إلا لأجلها، وهي لا تحصل إلا للعلماء لأنه عز وجل قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} وإنما للحصر، وقال تعالى: {مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٤) فأي هذا الخير وهذا الفضل من الذكر باللسان ولا خلاف بين الأمة أن الخير المتعدي أفضل من الخير القاصر على المرء نفسه


(١) سورة هود، الآية: ٧.
(٢) سورة النحل، الآية: ٤٣.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٢٨.
(٤) سورة العنكبوت، الآية: ٤٣.