للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى ما هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك" وأجدر بمعنى أحق أن لا تعيبوا وتحتقروا والازدراء افتعال من زري عليه زراية إذا عابه والازدراء الاحتقار والانتقاص والعيب وأصل ازدريت إزتريت وهو افتعلت منه فقلبت التاء دالا لأجل الزاي (١).

والمعنى انظروا إلى من فضلكم الله عليه في ذات أيديكم فوسع عليكم وضيق عليهم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم في الغنى فإنكم إذا نظرتم إليهم احتقرتم نعمة الله تعالى عليكم وليست هي أهلا للاحتقار فإنه لعل الله تعالى يعلم في ذلك من المصالح ما لا تعلمونه ففي الحديث تنبيه على القناعة والشكر على ما رُزق وكف النفس الإمارة عن طلب الفضول والله أعلم.

وقال بعضهم أيضًا: اعتبروا بمن فضلتم عليه في المال والخلق والعافية فيظهر لكم ما أنعم الله به عليكم فتشكرونه على ذلك فتقومون بحق النعمة وذلك بخلاف إذا نظر ما فضل عليه به غيره من ذلك فإنه يضحك عنده ما أنعم الله عليه من النعم ويحقرها فلا يسحبها نعما فينسى حق الله فيها وربما حمله ذلك النظر إلى أن تمتد عيناه إلى الدنيا فينافس أهلها وينقطع تحسره فوتها ويحسد أهلها وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة.


(١) النهاية (٢/ ٣٠٢).