للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اختلف الحنفية في تكفيره فقيل يكفر كما لو قال هو يهودي وقيل لا يكفر كما لو حلف بذلك على مستقبل ولم يقصد تعليق الكفر على الفعل ولا الرضى به، ثم إن كان الحلف به معظما لما حلف به مجلا له كان كافرا وإن لم يكن معظما بل كان قلبه مطمئنا بالإيمان فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به ومعاملته إياه معاملة ما يحلف به ولا يكون كافرا خارجا عن ملة الإسلام، ويجوز أن يطلق عليه اسم الكفر ويراد به كفر الإحسان وكفر نعمة الله تعالى فإنها تقتضي أن لا يحلف هذا الفعل القبيح (١)، أ. هـ.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة" الحديث، يؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في استحقاق إثم القتل ووجوب الكفارة في ماله لأن نفس الإنسان ليست ملكا له بل هي ملك لله تعالى (٢).

وقوله: "عذب به" أي: بمثله، واستدل على اعتبار المماثلة في القصاص فيقتل القاتل بما قتل به محددا كان أو غير محدد، ويحتمل أن يكون المراد عذب بنفس تلك الألة التي قتل بها نفسه ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا" والخلود محمول على المكث الطويل أو على تأبيد الخلود إن فعل ذلك مستحلا للقتل وتقدم ذلك من كلام النووي في أول الباب أ. هـ.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وليس على رجل نذر فيما لا يملك" فيه أنه لا يصح النذر فيما لا يملك ولا يلزم بهذا النذر شيء، وفيه دليل على أن التصرفات الواقعة قبل


(١) شرح النووي على مسلم (٢/ ١٢٦).
(٢) إحكام الأحكام (٢/ ٢٦١).