للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعلم بأنه إذا قدر الرحم شيئا لكان، وهذا يدل على أن الظالم لم يخفف عنه بدعاء المظلوم عليه ويدل له ما رواه أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: بلغني أن الرجل ليظلم مظلمة فلا يزال المظلوم يشتم الظالم ويتنقصه حتى يستوفي حقه ويكون للظالم الفضل عليه (١)، وفي الترمذي عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا على من ظلمه فقد انتصر" (٢) وفي كتاب اللطائف للقاضي أبي يوسف أن امرأة بني إسرائيل كانت صوامة قوامة سرقت لها امرأة دجاجة فنبت ريش الدجاجة على وجه السارقة وعجزوا عن إزالته عن وجهها فسألوا عن ذلك بعض علمائهم فقالوا: لا يزول هذا الريش إلا بدعائها عليها فأتتها عجوز فذكرتها بدجاتها فلم تزل بها إلى أن دعت على سارقتها دعوة فسقطت من وجهها ريشة فلم تزل تكرر ذلك إلى أن سقط جميع الريش (٣).

فإن قيل: مدح الله المستنصر من البغي ومدح العافي عن الجرح، قال ابن العربي: فالجواب: أن الأول محمول على ما إذا كان الباغي [وقحًا] ذا جرأة وفجور، والثاني: على من وقع منه ذلك نادرا، وقال الواحدي: كان الانتصار لأجل الدين فهو المحمود وإذا كان لأجل النفس فهو مباح لا يحمد عليه،


(١) الزهد (٦٨١) لابن المبارك، وحلية الأولياء (٥/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٥٥٢)، وأبو يعلى (٤٤٥٤). وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة. وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي حمزة من قبل حفظه، وهو: ميمون الأعور. وضعفه الألباني في الضعيفة (٤٥٩٣).
(٣) النجم الوهاج (٩/ ٢٠٠).