للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعمن كانت تجب عليه الهجرة فرجح بر الوالدين على الجهاد، وفي هذا الحديث فضل بر الوالدين وتعظيم حقهما وكثرة الثواب على برهما ولا خلاف في وجوب برهما وأن عقوقهما من الكبائر، وتقدم ذلك فدل هذا على أن برهما أفضل من الجهاد، ففي هذا الحديث وجوب بر الوالدين وأنه لا يجوز الجهاد إلا بإذنهما أو من [بقى منهما] إذا كانا مسلمين، قال ابن عبد البر (١): لا [خلاف] أعلمه أنه لا يجوز له الغزو ووالداه كارهان أو أحدهما لأن مخالفتهما في غير الفرائض عقوق وهو من الكبائر، والغزو إذا لم يتعين عليه فهو كذلك ولو كانا مشركين لم يشترط إذنهما عند الشافعي وجماعة وشرطه الثوري قال في المفهم وفيه ما يدلّ على أن المفتي إذا خاف على السائل الغلط أو عدم الفهم تعين عليه [الاستفصال] وعلى أن الفروض أو المندوبات مهما اجتمعت قدم الأهم منها وأن القائم على الأبوين يكون له أجر مجاهد وزيادة، قوله: ففيهما فجاهد أي جاهد نفسك في برهما وطاعتهما فهو أولى بك لأن الجهاد فرض كفاية وبر الوالدين فرض عين فلو تعين الجهاد وكان والده في كفاية ولم يمنعاه أو أحدهما من ذلك بدأ بالجهاد فلو لم يكونا في كفاية تعين عليه القيام بهما فبدأ به ولو كان في كفاية ومنعاه لم يلتفت لمنعهما لأنهما عاصيان بذلك المنع وإنما الطاعة في المعروف كما لو منعاه من صلاة الفرض وأما الحج فله أن يؤخره السنة والسنتين ابتغاء رضاهما، قال مالك: نعم وإن قلنا إنه على الفور مراعاة للخلاف في أنه


(١) الاستذكار (٥/ ٤٠).