للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورجحان الْأَمر ببرهن بالنسبة إلى الآباء ولما في عقوق الأمهات من مزيد القبح، ولهذا قيل إن للأم ثلاثة أرباع البر (١) وأخذ ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - حين سأله السائل: "من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثلاثًا ثم قال في الرابعة: ثم أبوك" (٢) ويحتمل أنما قدم الأم في الذكر لضعفها وعدم قوتها على رد الابن إلى الطاعة إذا خولفت والأولاد في الغالب إنما يخالفون الأمهات بخلاف الآباء فإن الآباء عند المخالفة لهم قدرة على الانتصاف من الأولاد وردهم إلى الطاعة إما بأيديهم أو برفعهم إلى ولاة الأمور ولهذا كان الأب هو الذي يتولي النظر في مصالح الابن فيما يتعلق بماله وبدنه والأم لا ولاية لها شرعا على الولد بخلاف الأب، وقد سوى اللّه تعالى بين الأبوين فقال تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (٣) الآية، وهذا النهي للتحريم ذكره ابن العماد.

تنبيه: عقوق الأمهات حرام وهو من الكبائر بإجماع العُلماء وكذلك عقوق الآباء من الكبائر أيضًا، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على عد ذلك من الكبائر واللّه أعلم (٤). وقال بعض الحكماء: من عصى والديه لم ير السرور من ولده، ومن لم يستشر في الأمور لم يصل إلى حاجته ومن لم يدار


(١) قاله منصور كما في الزهد (٢/ ٤٧٦) لهناد.
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (١ و ٢ و ٣ و ٤ - ٢٥٤٨)، وابن ماجة (٢٧٠٦) و (٣٦٥٨) عن أبي هريرة.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٢٣.
(٤) شرح النووي على مسلم (١٢/ ١١).