للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "قد عجب اللّه من صنيعكما بضيفكما" قال القاضي عياض (١): المراد بالعجب من اللّه تعالى رضاه ذلك الشيء، وقيل: مجازاته بالثواب، وقيل: تعظيمة ذلك، قال: وقد يكون المراد عجبت ملائكة الله.

قال الخطابي (٢): ويحتمل أن يكون التعجب للملائكة لأن الإيثار على النفس نادر في العادات مستغرب في الطباع فعجب منه الملائكة وإضافته إليه سبحانه وتعالى تشريفا. قال الخطابي (٣): إطلاق العجب لا يجوز على اللّه تعالى وإنما معناه الرضى وحقيقته أن ذلك الصنيع منهما حل من الرضى عند اللّه والقبول له ومضاعفة الثواب عليه محل العجب عندكم في الشيء التافه إذا رفع فوق قدره [وأعطى به] الأضعاف من [قيمته] أ. هـ.

ففي هذا الحديث فضيلة الإيثار والحث عليه، وقد أجمع العُلماء على فضيلة الإيثار بالإطعام ونحوه من أمور الدنيا وحظوظ النفس، وأما القربات فالأفضل أن لا يؤثر بها لأن الحق فيها للّه تعالى (٤) وفيه ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحلم والأخلاق المرضية والمحاسن المرضية والصبر وكرم النفس فـ - صلى الله عليه وسلم - (٥)، قال النووي (٦): هذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة منها ما كان


(١) إكمال المعلم (٦/ ٥٤٣ - ٥٤٤).
(٢) أعلام الحديث (٣/ ١٣٦٨) وكذلك قال النووي في شرح مسلم (١٤/ ١٣).
(٣) أعلام الحديث (٣/ ١٩٢٢).
(٤) شرح النووي على مسلم (١٤/ ١٢).
(٥) المصدر السابق (١٤/ ١٥).
(٦) المصدر السابق (١٤/ ١٢).