للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أخيه بما هو محتاج إليه وهي المرتبة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا" الحديث، والأنصار هم الذين وصفهم اللّه تعالى بالإيثار في قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (١) فوصفهم اللّه تعالى بأعلى مراتب السخاء، وكان ذلك فيهم معروفا وكان قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنهما - من الأجواد المعروفين. حتى أنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة. فسأل عنهم، فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين. فقال: أخزى اللّه مالا يمثع الإخوان من الزيارة. ثم أمر مناديا ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل. فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه، لكثرة من عاده، وقالوا له يومًا: هل رأيتُ أسخي منك؟ قال: نعم نزلنا بالبادية على امرأة فحضر زوجها. فقالت: إنه نزل بك ضيفان. فجاء بناقة فنحرها وقال: شأنكم، فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها. فقلنا: ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا اليسير. فقال: إني لا أطعم ضيفاني البائت. فبقينا عنده يومين أو ثلاثة والسماء تمطر. وهو يفعل ذلك. فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إليه، ومضينا. فلما طلع النهار إذا نحن برجل يصيح خلفنا. قفوا أيها الركب اللئام. أعطيتموني ثمن قراي؟ ثم إنه لحقنا وقال: لتأخذنه أو لأطاعننكم برمحي فأخذناه وانصرف (٢).


(١) سورة الحشر، الآية: ٩.
(٢) مدارج السالكين (٧/ ١٧ - ١٩).