للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البدر، ونور القدر ليلة البدر ينسي عنده نور البدر مع ما يعم به من المنفعة وانتشار نوره وبث أشعته في الأرض برا وبحر ليستضاء بنوره، ويكادُ يُلحِقُ الليلةَ المقمرة بالنهار ضياء إلا أن نور الشمس إذا جاء تلافي معه نور القمر.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والعلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم" الحديث، فهذا غاية في التفضيل، وأن من خلف الشيء قام مقامه فيشمله من فضل أصله كالتيمم لما خلف الوضوء لحقه من فضل الوضوء، ومعلوم أن العلماء يخلفون الأنبياء فيما أوحي إلى الأنبياء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أرسل لتبين التنزيل قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (١) الآية، والعلماء يقومون هذا المقام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم يحفظون الشريعة وما أنزل إلى الرسول فيبلغونه للناس، ويبينون لهم ما أشكل عليهم من أمر دينهم الذي بيانه على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فسدَّ العلماء في ذلك مسد الأنبياء وقاموا مقامهم فكانوا في المعنى أنبياء لأنهم يكلمون الناس بما أوحى الله تعالى، والوحي أتى إليهم بواسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أتى الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسطة الملك إلا أنهم ليسوا أنبياء في الحقيقة ولكنهم نابوا عن الأنبياء، وقد جعل رتبتهم تلي رتبة الأنبياء إلا أن قوله: "وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم"، تنبيه: على أن جمع الحطام ليس من شيم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وحق الوارث لهم والنازل منزلتهم أن يكون فيما ورثه عنهم لا يتخذ العلم سوقا ويجعله


(١) سورة النحل، الآية: ٤٤.