للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذا لم يأت بالمخالفة استخفافا أو عنادا وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "دعوه" (١).

قال العلماء: كان قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لمصلحتين أحداهما: لأنه لو قطع بوله تضرر وأصل التنجيس قد حصل فكان احتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به، والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد غير ذلك الموضع الذي تنجس فكان إكمال للبول في المكان الذي تنجس أخف ضررا وفيه أن في ذلك تنفيرا له عن الإسلام سيما في القريب العهد بالإسلام (٢).

قال ابن بطال (٣): فعل -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك استئلافا للأعراب وتخفيفا لمقتضي قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} (٤) وفيه دليل على جميل أخلاق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولطفه ورفقه بالجاهل وتأليف قلبه على الإسلام.

فائدة: ذكر أن هذا الأعرابي هو الذي قال [يا محمد متى الساعة؟ قال: "ما أعددت لها" وفيه أنت مع من أحببت، رواه الدارقطني وغيره، وهو الذي قال] بعد ذلك: اللهم اغفر لي ومحمدًا ولا تشرك معنا أحدًا، فقال له رسول


(١) الكواكب الدرارى (٢/ ٧٠).
(٢) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٩١)، وشرح الإلمام (١/ ٥٢٣ - ٥٢٤)، والعدة شرح العمدة (١/ ١٨٩).
(٣) شرح الصحيح (١/ ٣٢٧).
(٤) سورة القلم، الآية: ٤.