للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النووي (١): ففي هذا الحديث احتمال الجاهلين والإعراض عن ما قبلتهم ودفع السيئة بالحسنة وإعطاء من يتألف قلبه والعفو عن مرتكب كبيرة لا حد فيها لجهله وإباحة الضحك عن الأمور التي يتعجب منها في العادة وفيه كمال خلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحلمه وصفحه الجميل.

وهذا الحديث يدل على ما وصف اللَّه تعالى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أنه على خلق عظيم وأنه رءوف رحيم فإن هذا الجفاء العظيم الذي صدر من هذا الأعرابي لا يصبر عليه ولا يحلم عنه مع القدرة إلا مثله ثم ضحكه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند هذه الجذبة الشديدة التي انشق البرد لها وتأثر عنقه الشريف بسببها حتى انقلب عن وجهته ورجع لحق الأعرابي دليل على أن الذي تم له من من مقام الصبر والحم ما تم لأحد وهذا نظير صبره وحلمه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد حيث كسرت رباعيته وشج في وجهه وصرع عن جنبه وهو في مثل هذه الحال يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون -صلى اللَّه عليه وسلم- وشرف وكرم (٢). أ. هـ.

٤٠٦٧ - وَعَن ابْن مَسْعُود -رضي اللَّه عنه- قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء ضربه قومه فأدموه وَهُوَ يمسح الدَّم عَن وَجهه وَيَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم (٣).

قوله: وعن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- تقدم.


(١) شرح النووي على مسلم (٧/ ١٤٧).
(٢) المفهم (٩/ ٦٨ - ٦٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٧٧) و (٦٩٢٩)، ومسلم (١٠٥ - ١٧٩٢).