للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمحبة الدينية والألفة الشرعية (١) وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف كما تقدم في الحديث الآخر والسلام أول أسباب التألف ومفتاح استجلاب المودة وفي إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين واللَّه أعلم وقد ذكر البخاري رحمه اللَّه في صحيحه عن عمار بن ياسر -رضي اللَّه عنه- أنه قال ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الاقتار والاقتار الافتقار يقال أقتر الرجل أي افتقر قال أبو الزناد جمع عمار في هذه الألفاظ الخير كله لأنك إذا أنصفت من نفسك فقد بلغت الغاية بينك وبين خالقك وبينك وبين الناس ولم تضيع شيئًا مما للَّه وللناس عليك وأما بذل السلام للعالم فهو لقوله: -صلى اللَّه عليه وسلم- (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وهذا حض على مكارم الأخلاق واستئلاف النفوس وأما (الإنفاق من الإقتار) فهو الغاية في الكرم وقد مدح اللَّه من هذه صفته بقوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٢) وهذا عام في نفقة الرجل على عياله وأضيافه وكل نفقة في طاعة اللَّه تعالى وفيه أن نفقة المعسر على عياله أعظم أجرًا من نفقة الموسر وأقول هذه الكلمات جامعة لخصال الإيمان كلها لأنها إما مالية أو بدنية والإنفاق إشارة


(١) المصدر السابق (٢/ ٨ - ٩).
(٢) سورة الحشر، الآية: ٩.