للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوم يرون إنهاكها وزوال شعرها ويفسرون به الإحفاء فإن اللفظ يدل على الاستقصاء وهو المبالغة في الأخذ ومنه إحفاء المسألة وقد وردت به الروايات: "أنهكوا الشوارب" (١) والجواب عن الأول أن المراد بالإحفاء الإحاطة قال اللَّه تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} (٢) أي: محيطين والمراد أحيطوا بها قصا ولا تقصوا البعض وتتركوا البعض كما يفعل الأعاجم فإنهم يتركون السبالات ويقصون الشوارب، وروي الإمام أحمد في المسند أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم ولا تشبهوا باليهود" (٣) والعثانين بالعين المهملة والتاء المثلثة ثم بالنون ثم بالياء المثناة تحت ثم بالنون وهي اللحاء أي وفروها من الأخذ والجواب عن رواية "أنهكوا الشوارب" أي بالغوا في الأخذ منه والإحاطة فقص ما على حمرة الشفة فإن إزالة الشعر مدخل الطعام والشراب أبلغ في النظافة.

وقوله في الحديث: "وقص الشارب" فيه دليل على عدم الإحفاء لأنه لو كان المراد الاستئصال لقال -صلى اللَّه عليه وسلم- "وحلق الشارب".

فائدة: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد وقص الشارب


(١) إحكام الأحكام (١/ ١٢٤).
(٢) سورة الزمر، الآية: ٧٥.
(٣) أخرجه أحمد ٥/ ٢٦٤ (٢٢٢٨٣)، والطبراني في الكبير (٨/ ٢٣٦ رقم ٧٩٢٤)، والبيهقي في الشعب (٨/ ٣٩٦ - ٣٩٧ رقم ٥٦٨٧). وقال الهيثمي في المجمع ٥/ ١٣١: رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر. وحسنه الألباني في الصحيحة (١٢٤٥).