للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملك وما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليقعد وإن كان قاعدا فليضطجع" الحديث، وكان معاوية -رضي اللَّه عنه- يقول: أما غضبي على من أقدر عليه وما غضبي على من لم أقدر عليه، يعني أن الغضب لا فائدة فيه بل هو تعب محض ومفسدة محضة لأن المؤذي لي إن كنت قادرا عليه عاقبته إن شئت ولا حاجة إلى الغضب وإن لم أكن قادرا عليه فالغضب المجرد لا يشفيني منه، فلا حاجة إليه واللَّه أعلم قاله الطوفي أيضًا (١).

تنبيه: والتحقيق أن الناس في الغضب على ضربين أحدهما: مغلوب للطبع الحيواني فلا يمكنه منعه وهو الغالب في الناس، والثاني: غالب للطبع بالرياضة فيمكنه منعه ولولا هذا وإلا لكان قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تغضب" تكليفا أو أمرا بما لا يطاق وأقوى الأشياء في منع الغضب ودفعه التوحيد الحقيقي العام وهو اعتقاد أن لا فاعل في الوجود إلا اللَّه عز وجل وأن الخلق آلات لفعله (٢) فإذا توجه إليه مكروه من جهة غيره كري فاعله اللَّه عز وجل لا غيره فإن ذلك الغير آلة للفعل الإلهي كالسيف الضارب والقوس الرامي والرمح الطاعن والقدوم للنجار والسكين للنجار وحينئذ يندفع الغضب لأنه لو غضب والحالة هذه لكان غضبه أما على الخالق وهو جراءة تنافي العبودية أو


(١) التعيين في شرح الأربعين (ص ١٤٠ - ١٤١).
(٢) وافق الطوفي قوله قول الجبرية والحق أن العبد فاعل لفعله حقيقة، وله قدرة حقيقة، وله إرادة واللَّه خالق العبد وفعله، قال تعالى {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} {فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} وقال: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.