للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على المخلوق وهو إشراك ينافي التوحيد ولهذا جاء في حديث أنس قال: خدمت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين فما قال للشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعله، ولكن يقول: "قدر اللَّه وما شاء فعل أو لو قدَّر لكان" قلت: وما ذاك إلا لكمال معرفته -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن لا فاعل ولا معطي ولا مانع إلا اللَّه عز وجل بخلاف غيره من الناس فإن غلامه إذا لم يقض شغله غضب وقام وضربه فعلى هذا الفاعل في الوجود هو اللَّه وحده وله آلات كبرى وصغرى ووسطى فالكبرى من له قصد واختيار كالإنسان الضارب بالعصى والصغرى ما لا قصد له ولا اختيار كالعصى المضروب بها والوسطى من له قصد ولا عقل له كالدابة ترفس ونحوها واللَّه أعلم قاله الطوفي (١).

تنبيه آخر: قوله "فردد مرارا" يعني السائل كرر السؤال مرارا، يقول: أوصني يا رسول اللَّه لأنه لم يقنع بقوله "لا تغضب" فطلب وصية أنفع وأبلغ منها فلم يزده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلمه بعموم نفعها وكرر الجواب لفهمه مقدار ما أوصاه به ونبه السائل على ذلك بتكرارها وصار هذا كما قال له العباس: علمني دعاء أدعوا به يا رسول اللَّه، فقال: "سل اللَّه العافية" فعاوده العباس مرارا فقال: "يا عباس يا عم رسول اللَّه سل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة فإنك إن أعطيت العافية أعطيت كل خير" (٢) أو كما قال، وكذلك لما قال


(١) المصدر السابق (ص ١٤٠ - ١٤١).
(٢) أخرجه أحمد (١٧٨٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٧٢٦)، والترمذي (٣٥١٤)، وأبو يعلى (٦٦٩٦). وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وصححه الألباني في المشكاة (٢٤٩٠)، الصحيحة (١٥٢٣).