الحديث أوجه، أحدها: أنه محمول على المستحل لذلك، وهذا يكفر، الوجه الثاني: معناه رجدت نقيضه لأخيه ومعصيته تكفيره، والوجه الثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا الوجه نقله القاضي عياض عن مالك بن أنس وهو ضعيف لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع (١).
فائدة: والشافعي رحمه اللَّه لا يكفر أحدا من أهل القبلة من المعتزلة والمبتدعة والرافضة وغيرهم كالمجسمة لاتفاقهم على توحيد اللَّه تعالى وتصديق الرسل والأنبياء بأركان الإسلام من الصلاة والحج والزكاة والصوم والخطأ في الاعتقاد في بعض الفروع لا يضر ولا يقدح في الإيمان والجهل ببعض صفات اللَّه تعالى أيضًا لا يقدح في الإيمان وكذا رجحه القرطبي في شرح أسماء اللَّه الحسنى، واستدل عليه بقضية الذي قال لأهل إذا مت فاحرقوني واسحقوني ثم اذروني في البحر الحديث، فهذا جهل قدرة اللَّه تعالى. والوجه الرابع: معناه أن ذلك يؤل به إلى الكفر وذلك أن المعاصي كما قال يريد الكفر ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر ويؤيد هذا الوجه ما جاء في رواية لأبي عوانة الأسفرائيني في كتابه المستخرج على صحيح مسلم: فإن كان كما قال وإلا فقد باء بالكفر وفي رواية: "إذا قال أخيه يا كافر وجدب الكفر على أحدهما" واختلف العلماء فيمن يعود عليه، فقال أبو حنيفة: يعود عليه الكفر ويصبح كافرا لظاهر الخبر، وقال الشافعي: لا يعود عليه الكفر