للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واللَّه أعلم. قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح وفي رواية ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمى خيرا الحديث. يقال نميت الحديث أنميه إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير. فإذا أبلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت نمّيته بالتشديد. قال أبو عبيد وابن قتيبة وغيرهما من العلماء. [وزاد مسلم في رواية له: قالت أم كلثوم ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث يعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها، فهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة. [وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال هكذا] (١). وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه وأحسنُ ما رأيتُه في ضبطه ما ذكرَه الإِمامُ أبو حامد الغزالي (٢) فقال: الكلامُ وسيلةٌ إلى المقاصد فكلُّ مقصودٍ ومحمودٍ يُمكن التوصلُ إليه بالصدق والكذب جميعًا فالكذبُ فيه حرامٌ لعدم الحاجة إليه وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذبُ فيه مباحٌ إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا وواجبٌ إن كان المقصود واجبًا فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه: وجبَ عليه الكذبُ بإخفائه وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة وسأل ظالمٌ يُريدُ أخذَها عَنَتا وجبَ عليه الكذب بإخفائها حتى لو أخبرَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالمُ قهرًا وجبَ ضمانُها على المُودع المُخبر ولو استحلفَه عليها لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي في يمينه فإن حلفَ


(١) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(٢) إحياء علوم الدين (٣/ ١٣٧).