للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم أحياها اللّه تعالى فسبحت في الماء، فقال اللّه تعالى له: "إن اللّه أحيا مما ترى لقادر على أن يحيى القلوب الميتة"، وهذا إشارة إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)} (١) انتهى من كتاب الزاهد أبي الحسن بن فرحون القرطبي.

والمقصود أن حياة القلب بالعلم والهمة والناس إذا شاهدوا ذلك من الرجل حيِّ القلب، وللحياة مراتب، المرتبة الأولى: حياة الأرض بالنبات قال اللّه تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (٢)، المرتبة الثاثية: حياة النمو والغذاء وهي مشتركة بين النبات والحيوان، والمرتبة الثالثة: حياة الحيوان بقدر زائد على النبات وهو إحساسه وحركته، ولهذا يألم بقطع بعرض ما يتصل به، المرتبة الرابعة: حياة الحيوان الذي لا يتغذى بالطعام والشراب كحياة الملائكة وحياة الأرواح مع مفارقتها الأبدان، المرتبة الخامسة: حياة العلم مع موت الجهل، فإن الجهل موت لأهله، كما قيل:

وَفي الجهلِ قَبْلَ الموْتِ مَوْتٌ لأهْلِه ... وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ القُبُورِ قُبُورُ

وَأَرْوَاحُهُمْ في وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهمْ ... وَلَيْسَ لهمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

وَإِنَّ امرأ لم يحيى بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ ... وَلَيْسَ لَهُ حَتَّى الممات نُشُورُ


(١) سورة الأحقاف، الآية: ٣٣.
(٢) سورة النحل، الآية: ٦٥.