للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للنعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها، ولذلك قيل كل العداوة قد ترجى سلامتها إلا عداوة من عاداك من حسد وقال بعض الحكماء الحسد جرح لا يبرأ.

وقال الحسن (١): يا ابن آدم لم تحسد أخاك إن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلم تحسد من أكرمه الله وإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار. قال ومراتب الحسد أربعة: الأولى أن يحب زوال النعمة وإن كانت لا تنتقل إليه وهذا غاية الخبث. الثانية أن يحب زوال النعمة إليه لرغبته فيها مثل رغبته في دار حسنة أو امرأة جميلة أو ولاية نافذة واسعة نالها غيره، وهو يحب أن تكون له. والثالثة أن لا يشتهي عينها بل يشتهي لنفسه مثلها فإن عجز عن مثلها أحب زوالها كي لا يظهر التفاوت بينهما. الرابعة أن يشتهي لنفسه مثلها فإن لم [تصل] لا يحب زوالها عنه وهذه الأخيرة هي المعفو عنها إن كان في أمر الدنيا والمندوب إليه إن كان في أمر الآخرة، والثالث فيها مذموم وغير مذموم، والثانية أخف من الثالثة، والأولى مذمومة قطعا، وتسمية الثانية حسدا فيه توسع وتجوز ولكنه مذموم لقوله تعالى {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٢).

قال الغزالي (٣): والحسد من أعظم أمراض القلب ولا تُداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل، والعلم النافع لذلك أن تعلم أن الحسد ضرر


(١) إحياء علوم الدين (٣/ ١٨٩)، والزواجر (١/ ١٠٣).
(٢) سورة النساء، الآية: ٣٢.
(٣) إحياء علوم الدين (٣/ ١٩٦).