من الجهل، والثاني: أن ينوي به منفعة الخلق لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"خير الناس من ينفع الناس"، والثالث: أن ينوي إحياء العلم لأن الناس لو تركوا العلم لذهب العلم كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"تعلموا العلم قبل أن يرفع ورفعه ذهاب العُلماء" وينبغي للمتعلم أن ينوي به وجه اللّه تعالى والدار الآخرة ولا ينوي به طلب الدنيا لأنه إذا طلب به وجه اللّه تعالى ينال الأمرين جميعا، وإذا لم يقدر على تصحيح النية فالمتعلم أفضل من تركه فإنه إذا تعلم العلم فإنه يرجى له أن يصحح النية، قال مجاهد: طلبنا العلم وما لنا فيه كبير نية تم رزقنا اللّه فيه النية، ولا ينبغي للمتعلم أن يدع شيئًا من الفرائض أو يؤخرها عن وقتها فتذهب بركة علمه، ولا ينبغي أن يؤذي أحدًا لأجل تعلمه فتذهب بركة علمه أيضًا، ولا ينبغي أن يكون بخيلا بعلمه إذا استعار منه إنسان كتابا أو استعان به لتفهيم مسألة أو نحوه ولا ينبغي أن يبخل به، فإنه يقصد بتعلمه منفعة الخلق وينبغي للمتعلم أن يوقر العلم أولا، ولا ينبغي أن يضع الكتاب على التراب، وينبغي للمتعلم أن يرضى بالدون من العيش من غير أن يترك حظ نفسه من الكل والشرب والنوم، وينبغي للمتعلم أن يقل معاشرة الناس والنساء ومخالطتهم ولا يشتغل بما لا يعنيه، ويقال بها المثل: من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه، وينبغي للمتعلم إذا وقع بينه وبين شخص منازعة أو خصومة أن يستعمل الرفق والإنصاف ليكون فرقا بينه وبني الجاهل لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما دخل الخرق في شيء إلا شانه" أي: عابه، انتهى، قاله بها بستان العارفين.