للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على ذلك في حديث معاذ المطول قريبا. وقوله في الرواية الأخرى: لا يدخل الجنة إنسان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، وفي رواية: ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. قال الخطابي (١): اختلف أهل العلم في تأويل قوله لا يدخل الجنة على تأولين: أحدهما أن المراد كبر الكفر والشرك لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (٢)، ألا ترى أنه قابله في نقيضه بالإيمان فقال [-صلى الله عليه وسلم-] لا يدخل النار من في قلبه مثقال خردلة من إيمان. والتأويل الآخر أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يدخله الجنة نزع ما في قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر ولا غل لقوله سبحانه وتعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} (٣).

وقوله: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان معناه أنه لا يدخلها دخول تأبيد، وهذان التأويلان فيهما بعد، فإن الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحتقارهم ودفع الحق ولا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب، بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها دون مجازاة إن جازاه، وقيل هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم الله سبحانه وتعالى بأنه لا يجازيه بل لا بد أن يُدخل كل الموحدين الجنة إما أولا وإما ثانيا بعد


(١) انظر: صيانة صحيح مسلم (١/ ٢٧٠)، وجامع الأصول (١٠/ ٦١٤).
(٢) سورة الزمر، الآية: ٦٠.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٤٣.