قوله وعنه -رضي الله عنه- تقدم. قوله -صلى الله عليه وسلم- من حلف فقال إني من الإسلام فإن كان كاذبا هو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما معناه أنه نقص كمال إسلامه بما صدر منه من هذا اللفظ، وقد تقدم أن لفظ ابن ماجه لم يعد إليه الإسلام سالما، واللفظان صحيحان فنقص هو يتعاطى هذا اللفظ، ونقص إسلامه بذلك، وهذا يدل على تحريم هذا اللفظ، ولو كان صادقا في كلامه، وقد استدل به على ذلك الخطابي فقال فيه دليل على أن من حلف بالبراءة من الإسلام فإنه يأثم، وصرح أيضا بتحريم ذلك ووجوب التوبة منه الماوردي في الحاوي والنووي في الأذكار، وقال في شرح مسلم فيه بيان غلظ تحريم الحلف بملة سوى الإسلام كقوله هو يهودي أو نصراني إن كان كذا أو واللات والعزي، وشبه ذلك ثم قال: وقوله كاذبا ليس المراد به التقييد والاحتراز من الحلف بها صادقا لأنه لا ينفك الحالف بها عن كونه كاذبا، وذلك لأنه لا بد أن يكون معظما لما حلف به فإن كان معتقدا عظمته بقلبه فهو كاذب في ذلك، وإن كان غير معتقد ذلك بقلبه فهو كاذب في الصورة لأنه عظمه بالحلف به، وإذا علم أنه لا ينفك عن كونه كاذبا حمل التقييد بكونه كاذبا على أنه بيان لصورة الحال، ويكون التقييد خرج على سبب فلا يكون له مفهوم، ويكون من باب قوله تعالى:{وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}(١) ونظائره فإن كان الحالف معظما لما حلف به كان كافرا، وإن لم يكن معظما بل كان قلبه مطمئنا بالإيمان فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به، ومعاملته إياه معاملة ما يحلف