فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، فحملوني على بعير ليس تحتي شيء، ثم تركوني ثلاثا لا يطعموني ولا يسقوني، وكانوا إذا نزلوا منزلا أوقفوني في الشمس واستظلوا وحبسوا عني الطعام والشراب، فبينما هم قد نزلوا منزلا وأوقفوني في الشمس إذا أنا بأثر شيء على صدري فتناولته فإذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ثم رفع مرارا ثم أفضيت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظت فإذا هم بأثر الماء يرشح مني، فرأوني حسنة الهيئة، فقالوا فلما نظروا إلى أسقيتهم وسودة أم المؤمنين وجدوها كما تركوها فأسلموا عند سودة بنت زمعة بن فلس القرشية العامرية، كنيتها أم الأسود، وأسلمت بمكة وبايعت وأسلم زوجها وخرجا إلى الحبشة مهاجرين في الهجرة الثانية، ثم قدما مكة فمات بها زوجها مسلما فتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان من عشرة من النبوة بعد وفاة خديجة، وماتت في آخر خلافة عمر رضي الله تعالى عنهم. وقال الواسطي: كان جميع من تزوج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث عشرة امرأة، توفي قبله ثنتان: خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة أم المساكين، وثنتان لم يدخل بهما أسماء بنت النعمان الكندية وعمرة بنت يزيد الكلابية.
تنبيه: وأما التسع البواقي فتوفين بعده صلى الله تعالى عليه وسلم ورضي عنهن، وأقبلوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقبلت معهم. قال الراوي: ثم وهبت نفسها للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بغير مهر فقيل أنه قبلها ودخل عليها،