للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تواضعا له، فلما دنا منه أخذ رأسه فمدّه إليه فقال يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله تعالى، فارتعد سليمان وعفا عنه، ثم سأله تعذيبه بما يحتمله حاله ليعتبر به أبناء جنسه. وقيل كان عذاب سليمان للطير أن ينتف ريشه ويشمسه.

وقيل أن يطلى بالقطران ويشمس، وقيل أن يلقى للنمل تأكله، وقيل إيداعه القفص، وقيل التفريق بينه وبين إلفه، وقيل لألزمنه صحبة الأضداد، وعن بعضهم أضيق السجون معاشرة الأضداد.

لطيفة: حكى [القزويني] أن الهدهد قال لسليمان عليه الصلاة والسلام أريد أن تكون في ضيافتي، قال: أنا وحدي؟ قال: لا أنت وأهل عسكرك في جزيرة كذا في يوم كذا، فحضر سليمان بجنوده وطار الهدهد فاصطاد جرادة وخنقها ورمى بها في البحر وقال: كلوا يا نبي الله من فاته اللحم ناله المرق، فضحك سليمان وجنوده من ذلك حولا [كاملا] وفي ذلك قيل: "شعر":

جاءت سليمان يوم العرض هدهدة ... أهدت له من جراد كان في فيها

وأنشدت بلسان الحال قائلة ... إن الهدايا على مقدار مهديها

لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته ... لكان قيمتك الدنيا وما فيها (١)

قال عكرمة (٢) إنما ضرب سليمان عن ذبح الهدهد أنه كان بارا بوالديه ينقل الطعام إليهما فيزقهما. قال [الجاحظ]: هو وفّاء حفوظ، وذلك أنه إذا غابت أنثاه لم يأكل ولم يشرب ولم يشتغل بطلب طعم


(١) حياة الحيوان الكبرى (٢/ ٥١٦).
(٢) تفسير القرطبي (١٣/ ٢١٢)، حياة الحيوان الكبرى (٢/ ٥١٦)، تفسير الثعلبي (٧/ ٢٠١).