قوله وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق، التعريس هو نزول المسافر آخر الليل ليستريح، قاله الحافظ، وقال أهل اللغة التعريس النزول في آخر الليل للنوم والراحة، وهذا قول الخليل والأكثرين وقال أبو زيد هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار.
قوله فاجتنبوا الطريق فإنها طريق الدواب ومأوى الهوام بالليل، الحديث. والهوام بالتشديد جمع هامّة وهي تطلق على المخوف من الأجناس كالحيات وكل ذي سم يقتل، قاله في شرح مشارق الأنوار.
ومعنى الحديث الحث على الرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها. فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى في بعض النهار وفي أثناء السير فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها، وإذا سافروا في القحط أعجلوا السير ليصلوا المقصد، وفيها بقية من قوتها، ولا تقللوا السير فيلحقها الضرر لأنها لا تجد ما ترعى فتضعف ويذهب نقيها وربما كلّت [ووقفت] وقد جاء في أول هذا الحديث في رواية مالك في الموطأ أن اللّه رفيق يحب الرفق، وهذه الأوامر التي أمر بها صلى اللّه عليه وسلم من باب الإرشاد إلى [المصالح] والندب إليها.
وفيه من الفقه: الإحسان إلى البهائم ومراعاة حقوقها والشفقة عليها وتعليل الأحكام على سبيل التفضل إظهارا للحكمة فيها والتسبب في دفع المضار والتحرز منها واللّه أعلم.