للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآية لرأيت الحكام هلكوا، ولكن أثنى على هذا بصوابه، وأثنى على هذا باجتهاده (١).

قال الغزالي في أوائل الإحياء في الباب الخامس من أبواب العلم (٢): كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء وأقربهم هديًا بالصحابة، واتفقت العُلماء في حقه على ذلك، وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب وفساد الأعمال ووساوس النفوس والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس، وقيل له: يا أبا سعيد: إنك لتتكلم بكلام ليس يسمع من غيرك، فمن أين أخذته؟ قال: من حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، قال: وقيل لحذيفة: نراك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك من الصحابة، فمن أين أخذته؟ قال: خصني به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، كان الناس يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه وعلمت أن الخير يسبقني، وقال مرة: أن من لا يعرف الشر لا يعرف الخير، وكان حذيفة قد خص أيضًا بعلم المنافقين، وكان عمر وعثمان وأكابر الصحابة يسألونه عن الفتن العامة والخاصة، وكان يسأل المنافقين فيخبر بعدد من بقي ولا يعين أسماءهم، وكان عمر إذا دعي إلى جنازة نظر فإن حضر حذيفة صلى عليها وإلا ترك، وكان يسمى صاحب السر، والعناية بمقامات القلب وأحواله هو دأب علماء الآخرة لأن القلب هو الساعي إلى قرب الرب عَزَّ وَجَلَّ، وقد صار هذا الفن غريبا مندرسا فإذا تعرض العالم لشيء منه واستبعد، قيل: هذا تزويق المذكرين فأين التحقيق، ويرون ان


(١) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٦١ - ١٦٢ الترجمة ١٢٢).
(٢) إحياء علوم الدين (١/ ٧٧ - ٧٨).