للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريبا وهو على جناح سفر لا يحل عن راحلته إلا بين أهل القبور، فهو مسافر في صورة قاعد:

ما هذه الأيام إلا مراحل ... يحث بها داع إلى الموت قاصد

وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منازل تطوى والمسافر قاعد

والغريب في الناس كما قال القائل:

تسترت من دهري بظل جناحه ... فعيني ترى دهري وليس يراني

فلو تسأل الأيام ما اسمي ما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكاني

وقد قال بعض الأدباء كلاما منظوما في وصف زماننا هذا كأنه شاهده:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر

وبقيت خلف يزكي بعضهم ... بعضا ليدفع معور عن معور

أبُنَيّ إن من الرجال بُهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصر

فطن بكل مصيبة في ماله ... فإذا أصيب بدينه لم يشعر

فسل اللبيب تكن لبيبا مثله ... من يسع في علم بلبّ يظفر (١). اهـ]

قول ابن عمر: إذا أمست فلا تنتظر الصباح، الحديث فيه الحض على تقصير الأمل لأنه المصلح للعمل والمنجي من آفات التواني والكسل فإن من طال أمله ساء عمله وقصر الأمل هو حقيقة الزهد في الدنيا، كذا قالوه، والحق أنه سبب للزهد لا الزهد [هو] (٢) نفسه لأن من قصر أمله زهد في هذه الدار


(١) حصل تأخير لهذه الفقرة في النسخة الهندية، وأدرجت بعد قوله: (قال ابن الجوزي: إذا رأيت قبرا فتوهمه قبرك، وعد باقي الحياة ربحك).
(٢) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.