للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والسَّخط وحبس اللّسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش وهو ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على امتحان الله فالأولان صبر على ما يتعلق بالكسْب والثالث صبرٌ على ما لا كسب للعبد فيه (١)، اهـ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: فَازَ الصَّابِرُونَ بِعِزِّ الدَّارَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ نَالُوا مِنَ اللهِ مَعِيَّتَهُ. فَإِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ (٢). وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} (٣). إِنَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى. فَالصَّبْرُ دُونَ الْمُصَابَرَةِ. وَالْمُصَابَرَةُ دُونَ الْمُرَابَطَةِ وَالْمُرَابَطَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الرَّبْطِ وَهُوَ الشَّدُّ. وَسُمِّي الْمُرَابِطُ مُرَابِطًا لِأَنَّ الْمُرَابِطِينَ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْفَزَعَ. ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مُنْتَظِرٍ قَدْ رَبَطَ نَفْسَهُ لِطَاعَةٍ يَنْتَظِرُهَا: مُرَابِطٌ (٤). وَقِيلَ: اصْبِرُوا بِنُفُوسِكُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ. وَصَابِرُوا بِقُلُوبِكُمْ عَلَى الْبَلْوَى فِي اللهِ. وَرَابِطُوا بِأَسْرَارِكُمْ عَلَى الشَّوْقِ إِلَى اللهِ.

وَقِيلَ: اصْبِرُوا فِي اللهِ. وَصَابِرُوا بِالله. وَرَابِطُوا مَعَ اللهِ. وَقِيلَ: اصْبِرُوا عَلَى النَّعْمَاءِ. وَصَابِرُوا عَلَى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَرَابِطُوا فِي دَارِ الْأَعْدَاءِ. وَاتَّقَوْا إِلَهَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فِي دَارِ الْبَقَاءِ (٥). اهـ.


(١) مدارج السالكين (٢/ ١٥٥ - ١٥٦).
(٢) الرسالة (١/ ٣٢٤ - ٣٢٥)، ومدارج السالكين (٢/ ١٥٨).
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٢٠٠.
(٤) مدارج السالكين (٢/ ١٥٨).
(٥) مدارج السالكين (٢/ ١٥٩).