للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والجمهور أنها مندوبة لا واجبة، وذهب داود وابن حزم وغيرهما من أهل الظاهر إلى وجوبها لهذا الحديث ولا دلالة لهم فيه وليس فيه تصريح بإيجابها.

وقال ابن عبد البر (١): اختلف السلف والخلف في مقدار المال الذي تستحب فيه الوصية أو تجب عند من أوجبها، فروي عن علي أنه قال: ستمائة درهم أو سبعمائة درهم [ليس] بمال فيه وصية، ورُوي عنه أنه قال: ألف درهم مال فيه وصية، وهذا الذي تقدم من حمل الأمر بالوصية على الاستحباب هو في غير الحقوق الواجبة، أما إذا كان عند الإنسان وديعة أو في ذمته [حق لله] تعالى كزكاة أو حج أو كان عليه دين لآدمي فإنه يجب عليه أن يوصي به ومحل هذا ما إذا لم يعلم به غيره. فأما إذا علم به غيره فلا تجب الوصية بذلك، كذا عبّر به الرافعي من أصحابنا.

وقال النووي (٢) المراد إذا لم يعلم به من يثبت بقوله، وقصد بذلك إخراج الكافر والفاسق والصبي والعبد والمرأة فإنه لا يكفي علمهم مع دخولهم في [تعبير] الرافعي.

فإن قلت: فقد توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه دين ليهودي فكيف لم يوص به وقد قدّرتم أن الوصية بالديون واجبة. قلت: كانت درعه عليه الصلاة والسلام مرهونة عند اليهودي فكان الرهن حجة لليهودي فلم يحتج


(١) في التمهيد (١٤/ ٢٩٦).
(٢) شرح النووي على مسلم (١١/ ٧٤).