اختلف العُلماء في النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط على مذاهب أحدها: مذهب مالك والشافعي أنه يحرم استقبال القبلة في الصحراء بالبول والغائط، ولا يحرم ذلك في البنيان، وهذا مروي عن العبَّاس بن عبد المطلب وعبد اللّه بن عمر وعن الشعبي وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه، والمذهب الثاني: إنه لا يجوز ذلك لا في البنيان ولا في الصحراء وهو قول أبي أيوب الأنصاري الصحابي ومجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو ثور وأحمد في رواية، والمذهب الثالث: جواز ذلك في الصحراء والبنيان جميعًا وهو مذهب عروة بن الزبير وربيع شيخ مالك وداود الظاهري؛ والمذهب الرابع: لا يجوز الاستقبال لا في الصحراء ولا في البنيان ويجوز الاستدبار فيهما وهو إحدى الروايتين عن أبي حينفة وأحمد رحمهما اللّه، واحتج المانعون مطلقا بالأحاديث الصحيحة الواردة في النهي مطلقًا، واحتج من أباح مطلقا بحديث ابن عمر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقبلًا بيت المقدس مستدبرًا القبلة، وبحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أو قد فعلوها" حولي بمقعدتي، أي: إلى القبلة، رواه أحمد وإسناده حسن، واحتج من أباح الاستدبار دون الاستقبال بحديث سلمان، واحتج من حرج الاستقبال والاستدبار في الصحراء وأباحهما في البنيان حديث ابن عمر وحديث عائشة وبحديث جابر وبحديث مروان الأصفر، فهذه أحاديث صحيحة مصرحة بالجواز في البنيان وحديث أبي أيوب وسلمان وأبي هريرة