ومعاذ بن جبل وانطلقت معهم، فرُفع الصبي إليه ونفسه تقعقع كأنها في شنّة ففاضت عيناه، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
قوله:"ونفسه تقعقع" أي تتحرك وتضطرب بصوت متدارك. قال أبو علي: كل ما سمعت له عند حركته صوتا فهو قعقعة كالسلاح والجلود اليابسة، اهـ. اعلم أنّ هذا الحديث من أعظم قواعد الإسلام المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلها والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض، ومعنى لله ما أخذ أن العالم كله ملك لله عز وجل، فلم يأخذ ما هو لكم بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية ومعنى وله ما أعطى أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه بل هو له سبحانه وتعالى يفعل فيه ما يشاء وكل شيء عنده بأجل مسمى فلا تجزعوا فإن من قبضه قد انقضى أجله المسمى [فمحال] تقدمه أو تأخره عنه فإذا علمتم هذا كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم. اهـ. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم، ذكر الحديث، وفيه فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبي فضمّه إليه وقال: ما شاء الله أن يقول. قال أنس: لقد رأيته وهو يكيد [نفسه] يعني يموت بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدمعت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون، وفي الحديث أن الله لا يُعذّب بدمع العين ولا بحزن القلب وإنما يعذب بهذا وأشار إلى لسانه، اهـ.