للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي صحيح البخاري ومسلم (١) عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عادَ سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فبكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآى القوم بكاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكوا. فقال: ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا ويرحم، وأشار إلى لسانه. وفي صحيح البخاري (٢) عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف: إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى، فقال: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون، والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة والله أعلم.

ومعنى يجود بنفسه أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به يريد أنه كان في النزع وسياق الموت، وفلان يجاد للحتف أي يساق إليه، وقيل: يجود بنفسه أي يتحرك في الفراش لكونه في النزع والغرغرة فموت البنين من العوارض التي توجب للعبد التسخط على القدر فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يقول في مثل هذا المقال الذي يسخطه أكثر الناس فيتكلمون بما لا يرضي الله عز وجل ويفعلون ما لا يرضيه إلا ما يرضي ربه تبارك وتعالى ولهذا لما مات ابن الفضيل بن عياض رئي في الجنازة ضاحكا، فقيل تضحك وقد مات ابنك؟ فقال: إن الله تعالى قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه. فأنكرت


(١) صحيح البخاري (١٣٠٤)، ومسلم (١٢) (٩٢٤).
(٢) صحيح البخاري (١٣٠٣).