للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هكذا قاله الجماهير من أصحابنا. قال أصحابنا: والتعزية بعد الدفن أفضل منها قبله لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم ير منهم جزعا شديدا فإن رآه قدّم التعزية ليسكِّنهم، ويستحب أن يعم بالتعزية جميع أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار، الرجال والنساء إلا أن تكون امرأة شابة فلا يعزّيها إلا محارمها. قال الشافعي -رضي الله عنه- وأصحابنا: يكره الجلوس للتعزية، قالوا: ويعني بالجلوس أن يجتمع أهل الميت في بيت ليقصدهم من أراد التعزية بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فيعزّى من وُجِد منهم في مصلاه وفي سوقه وفي طريقه ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرح به المحاملي ونقله عن نص الشافعي، وهذه كراهة تنزيه إذا لم يكن معها محدث آخر فإن ضم إليها أمر آخر من البدع المحرمة كما هو الغالب منها في العادة كان ذلك حراما من قبائح المحرمات فإنه محدث. وثبت في الحديث الصحيح أن كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة والإعانة عليه مكروه، اهـ. قاله النووي (١).

فرع: إذا كان المعزِّي أو المعزَّى غائبا فإنها مستحبة وإن كانت بعد الثلاث (٢) لأن الحزن يبقى فيها فيحتاج إلى التصبر، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الثلاثة نهاية التحزين (٣)، فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد


(١) الأذكار للنووي (ص: ١٤٩)، والمجموع شرح المهذب (٥/ ٣٠٥).
(٢) الأذكار (ص ٢٥٥) وروضة الطالبين (٢/ ١٤٤).
(٣) كفاية النبيه (٥/ ١٧١).