للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما خلال تلك العبارة؛ فلأن الذين يلوكونها بألسنتهم، فلا يستطيعون أن يذكروا لها معنى يفرق بينها وبين الفضيلة والخصيصة والمنقبة، حتي يمكنهم أن يقولوا: هذه مزية لا تقتضي التفضيل، وهذه فضيلة تقتضيه.

نعم، ليس لديهم تعريف يفرق بين هذه الألفاظ المترادفة.

ويلزم على هذا الخلل فساد كبير؛ إذ ما من فضيلة إلا ويمكن أن يقال عنها: إنها مزية لا تقتضي التفضيل.

فيقال في خلة إبراهيم عليه السلام: إنها مزية لا تقتضي تفضيله، ويقال في موسى عليه السلام: كونه كليم الله مزية لا تقتضي تفضيله. ويقال مثل ذلك في فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي فضائل الصحابة.

فتبطل الفضائل، ويختل ميزان معرفتها، وفي هذا من الفساد ما لا يخفى.

قد يقال: إن الله تعالى صرح بتفضيل موسى بالكلام،؛ فقال سبحانه: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} (١).

فنقول: هذه الآية دليل لنا على أن المزية تقتضي التفضيل، وعلى أن تلك الجملة كاذبة.

ومن فروع هذه الجملة -سوى ما سبق- اعتقادهم أن الولي قد يكون أعلم من النبي، مستندين إلى قصة موسى والخضر عليهما السلام، بناء على زعمهم أن الخضر ولي، وهذا رأي ضعيف شاذ.


(١) سورة الأعراف، الآية (١٤٤).

<<  <   >  >>