لمن صدق نفسه، وعرف حُرْمة الكلمة كيف تقال، وكيف تفسَّر، وكيف توضع في موضعها.
وترتيب هذه الكلمات الأربعة في دلالتها عند القوم يأتي هكذا:"الخطيئة"، ثم "الفداء"، ثم "الصلب"، ثم "الخلاص".
وتلخيص معنى هذه الألفاظ الأربعة في العقيدة المسيحية: أن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم من تراب وقال له: {يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}(١) فأزلهما الشيطان عنها، فبهذه المعصية كما نقول نحن، وهي "الخطيئة" عند النصارى، أصبحا هما وذريتهما تحت سلطان هذه الخطيئة، لا ينفكّون منها، واستحق البشر جميعًا، بخطيئة والديهم، عقاب الآخرة وهلاك الأبد، وهذا هو ناموس العدل الذي لا يتغيَّر، يستحقه من عصى الله سبحانه عندهم، ومن ورث خطيئة آدم وزوجه؛ فإن عاقب الله آدم وذريته على خطيئتهم بهلاك الأبد، فذلك ما يوجبه ناموس عدله في حكمه، ولكن ناموس رحمته يستوجب العفو عنهم، فناقض ناموس العدل ناموس الرحمة، فتطلَّب الأمر شيئًا يجمع بين الرحمة والعدل، فكانت الفِديَة التي يتم بها ناموس العدل، ويتحقق بها ناموس الرحمة، ولكن ينبغي أن تكون الفِدْية طاهرة غير مدنّسة، وليس في الكون ما هو طاهرٌ بلا دنس إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن تعالى الله عن أن يكون فِدَيةٌ، فأوجبت المشيئة أن يتخذ جسدًا يتَّحد